الخميس، 27 يناير 2011

حلقة خاصة مع الدكتور عائض القرني 3/6 ● حلقة رائعة جدا

اقرأ المزيد...

حلقة خاصة مع الدكتور عائض القرني 2/6 ● حلقة رائعة جدا

اقرأ المزيد...

حلقة خاصة مع الدكتور عائض القرني 1/6 ● حلقة رائعة جدا

اقرأ المزيد...

كيف تفتح أبواب السعاده و الرزق أمامك

اقرأ المزيد...

إخلاص النية لله عزوجل لصاحب المحاضرات الرائعة والمؤثرة الشيخ عائض القرني 1

اقرأ المزيد...

الأربعاء، 26 يناير 2011

بين تشفير كأس العالم وتشفير قناة المجد



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد،
مصداقاً لقوله -تعالى-: (إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى)(الليل:4)، فإن هموم الناس مختلفة منهم من همه الآخرة ومنهم من همه الدنيا، وإن كان الجميع يعيش عصراً واحداً ويواجه مشكلات متشابهة، ومن المشكلات التي تواجه الناس في ذلك العصر مشكلة تشفيرالقنوات الفضائية بعدما صارت جزءاً لا يتجزأ من حياة الناس، فيتم تشفيرها بحيث لا يتم السماح باستقبالها إلا بعد دفع اشتراك مالي شهري -غالباً- وفي الآونة الأخيرة ثار الجدل في أوساط عموم الناس حول قضية احتكار إحدى القنوات الفضائية المشفرة لإذاعة مباريات كأس العالم لكرة القدم. 
كما ثار الجدل في أوساط الإسلاميين حول قضية تشفير قناة المجد الإسلامية، وكل يبكي على ليلاه كما يقولون.
أما تشفير كأس العالم فلا ينبغي أن يشغل مجتمع الملتزمين ولو بنسبة واحد بالمائة، وأما تشفير قناة المجد ففرض نفسه على ساحة الملتزمين شئنا أم أبينا، وإن كنا نرى أن هذا سوف يخدم كثيراً من الملتزمين الذين يجدون مجالات أنفع، إلا أن الخوف أن يتحول كثير من مشاهديها إلى القنوات الإسلامية الأكثر تساهلاً، أو أن يتحولوا إلى القنوات غير الإسلامية نسأل الله العصمة من الفتن ما ظهر منها وما بطن.
وإذا ذكر التشفير لا بد أن يذكر معه "وصلة الدش" التي تتحايل على هذا التشفير، ومن عجيب حال بعض القنوات الفضائية التي تقدم: "الفيديو كليب" العاري، والأفلام والمسلسلات؛ أنها تحذر المشاهدين من أن هذا نوع من السرقة المحرمة، ولك أن تتخيل بائعاً للخمر وقد كتب على باب محله آية وحديثاً في أداء الأمانة وعدم أكل أموال الناس بالباطل!! 
وأما التحايل على القنوات الإسلامية أو القنوات التي تقدم أموراً مباحة كعلوم الدنيا مثلاً، فلا يجوز شرعاً، لقوله -تعالى-: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا)(النساء:58)، ولقوله -صلى الله عليه وسلم-: (لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه)(رواه أحمد والبيهقي وصححه الألباني).
وإن كنا نناشد القائمين على القنوات الإسلامية الهادفة محاولة التوسط بين أداء الرسالة، والمكسب المادي ما أمكن ذلك، أو ترجيح أداء الرسالة مطلقاً. والله الموفق وهو الهادي إلى سواء السبيل.


اقرأ المزيد...
اقرأ المزيد...
اقرأ المزيد...
اقرأ المزيد...
اقرأ المزيد...
اقرأ المزيد...
اقرأ المزيد...
اقرأ المزيد...

•:*¨`*:• كيف تأنس بالله تعآلى..؟ •:*¨`*:•

 



•:*¨`*:• تأنس بالله تعآلى..؟ •:*¨`*:•

كيف 
تأنس بالله تعالى ؟؟
•:*¨`*:• تأنس بالله تعآلى..؟ •:*¨`*:•إن السائرالى الله لايتمكن من سيره الى ربه ، ولايرتقي في منازل الآخرة، الااذا أحس بالأنس بالله تعالى واستشعر توفيقه ومعيته له، والا كيف يسير الى الله من لم يأنس قلبه بالله ويفرح بقربه و يتلذذ بمناجاته. 

· هل ذقت حلاوته ؟ .. وما هي أسبابه ؟


وهذا شيئ عزيز في هذا الزمان ، لا يعرفه إلا الخلَص من عباد الله تعالى .

•:*¨`*:• تأنس بالله تعآلى..؟ •:*¨`*:•

· والأنس 
بالله يحصل بأمور :

1- الإستماع إلى تلاوة القرآن بصوت حزين وجميل .

2- ويحصل الأنس بالطاعة والقرب من الله تعالى ، فكل مطيع مستأنس .. وكل عاصٍ مستوحش ، وكما قيل : فإن كنت قد أوحشتك الذنوب .. فدعها إذا شئت واستأنس .

3- ويحصل الأنس 
بالله بكثرة الذكر من التسبيح والتهليل ، وسائر الأذكار .

4- حاول أن تعوَد نفسك على أمور :

- قيام الليل .. فتصلي إحدى عشر ركعة ، فإن لها تأثيراً عجيباً في الأنس مع الله .
- الإطالة في الصلاة وبالذات في السجود .. وقلما يجد العبد الأنس 
بالله إذا كانت صلاته خفيفة وسريعة ، فإنها دليل على عدم أنسه بربه .
- الجلوس بعد صلاة الفجر إلى طلوع الشمس ، واستغلال ذالك الوقت بالأذكار و قراءة القرآن .
- حاول أن تكون أول من يذهب إلى المسجد ، وآخر من يخرج منه .
- حاول أن تجلس بين المغرب والعشاء في المسجد ، لقراءة القرآن أو لحضور درس أو لذكر الله تعالى ، واستغل وقتك في أي طاعة من الطاعات فذاك عمرك الحقيقي فاحرص عليه. والمرأة تجلس في مصلاها


- الخلوة الشرعية : 
والمقصود بها أن تختلي بنفسك كل يوم لذكر الله و دعائه و استغفاره و عبادته ومحاسبة نفسك ، فلا بد أن تكون لك كل يوم ساعات تختلي بها مع ربك و تبتعد عن الناس .

•:*¨`*:• تأنس بالله تعآلى..؟ •:*¨`*:•
· قال مسروق بن الأجدع رحمه الله : إن المرء لحقيق أن يكون له مجالس يخلو فيها ، فيذكر فيها ذنوبه ، فيستغفر منها .

· فيا عبد الله .ويا امة الله . هل أنسك بأصحابك ، ومتابعة الفضائيات ، والمباراة ، والأسفار ، والسهرات .. أكثر أم أنسك 
باللهالرحمن الرحيم الذي الأنس به يفرح القلوب ويفرج الهموم والكروب، ويبغض للإنسان كثرة الخلطة مع الناس التي ليس من ورائها فائدة .




·تنبيه :


فأنى لعبد انهمك في الذنوب والمعاصي وسماع آلات اللهو و الطرب ، والبعد عن الطاعة والقرآن وذكر الله .. كيف يحصل له الأنس بالله والفرح بقربه !!
•:*¨`*:• تأنس بالله تعآلى..؟ •:*¨`*:•



· كيف يأنس 
بالله تعالى !!


- كيف يأنس بالله تعالى من آثر سماع الغناء والطرب ، على القرآن كلام الرب .
- وكيف يأنس 
بالله تعالى من آثر ذكر الناس و أخبارهم على ذكر الله تعالى .
- وكيف يأنس 
بالله تعالى من آثر شهوة نفسه على رضا ربه .
- وكيف 
يأنس 
بالله تعالى من آثر صحبة الفاسقين على صحبة الصالحين .
- و كيف يأنس 
بالله تعالى من آثر الحياة الدنيا على الآخرة .
- و كيف 
يأنس 
بالله تعالى من قدم طاعة الشيطان على طاعة الرحمن .
- و كيف 
يأنس 
بالله تعالى من حياته كلها من صباحه الى مسائه وهو في غفلة ، وبعد ، ولهو عن الله 
- و كيف يأنس 
بالله تعالى من قلبه معلق بغير الله ، بالشهوات .. والسهرات .. والفضائيات .. والمحرمات .!!!!!!!

•:*¨`*:• تأنس بالله تعآلى..؟ •:*¨`*:•

قال ابن القيم رحمه الله تعالى :
1- اذا استغنى الناس بالدنيا فاستغن أنت 
بالله .
2- واذا فرحوا بالدنيا فافرح أنت 
بالله .
3- واذا انسوا بأحبابهم فاجعل أنسك 
بالله .
4- 
واذا تعرفوا الى ملوكهم وكبرائهم وتقربوا اليهم لينالوا بهم العزة والرفعة 
فتعرف أنت الى الله وتودد اليه تنل بذلك غاية العز والرفعة .
•:*¨`*:• تأنس بالله تعآلى..؟ •:*¨`*:•

· قال ذو النون المصري رحمه الله : 
« دلائل أهل المحبة لله أن لا يأنس بسوى الله ، ولا يستوحش مع الله لأن حب الله إذا سكن في القلب آنس بالله.
· قال الفضيل بن عياض رحمه الله:
 طوبى لمن استوحش من الناس وكان الله أنيسه، وبكى على خطيئته،
•:*¨`*:• تأنس بالله تعآلى..؟ •:*¨`*:•




- كيف يقوى أنسك 
بالله تعالى : 


· وكلما كثرت طاعات العبد وعبادته لله ، كثر أنسه وفرحه بقربه من الله .. والعكس بالعكس .
· قال أفضل التابعين أويس القرني رحمه الله : ما كنت ارى ان أحداً يعرف ربه فيأنس بغيره .
· حكمة : من آنسه قرآة القرآن لم توحشه مفارقة الإخوان .
•:*¨`*:• تأنس بالله تعآلى..؟ •:*¨`*:•



· مشكلة واقعية وعلاجها : 

- يعاني كثير من الناس من ضيق الصدر والوحشة إذا جلس وحده ، فهو يطلب من يجلس معه دائما حتى يؤنس وحشته ويُذهب همه.
- والسبب في ذلك : هو ضعف الأنس 
بالله وقلة الصلة به سبحانه وتعالى ، ولو كان هذا الإنسان عنده أنس بالله وبذكره لما استوحش من الجلوس وحده ، فهو يقضي وقته بين ذكر الله تعالى والصلاة ، وقرآة القرآن ومطالعة الكتب النافعة المفيدة .
- وقد كان بعض العلماء يجلس وحده الساعات الطويلة 
بل الأيام في مكتبته يقرأ ويبحث ولا يشعر بالوحشة والملل ، وهومنهمك في طاعة ربه ، ويضيق صدره إذا شغله أحد عن القراءة أو العبادة ، كل ذلك دليل على قوة أنسه بربه وشدة اتصاله به .

· فرصة للتدريب : 
عندما تكون وحدك في السيارة حاول أن تغتنم الفرصة و تدرب نفسك على الأنس 
بالله تعالى ، وذلك عن طريق ( كثرة ذكر الله ، والاستغفار ، والدعاء ، وقراءة القرآن ) .

- كان الحسن البصري رحمه الله : 
إذا لم يجد أحدا ولم يكن مشغولا ، يقول : سبحان الله وبحمده .

· قيل لبعض الصالحين ألا تستوحش وحدك ؟ 
قال : كيف أستوحش وهو يقول : { فاذكروني أذكركم }.
•:*¨`*:• تأنس بالله تعآلى..؟ •:*¨`*:•




· صور من حياة المستأنسين 
بالله :

- كان الفضيل بن عياض يقول : أفرح بالليل بمناجاة ربي ، وأكره النهار للقاء الخلق .
- قيل لعامر بن عبد قيس :
 أما تسهو في صلاتك ؟قال:أوحديث أحب إلي من القرآن حتى أشتغل به .
- تجربة واقعية :
أوصت امرأة من السلف أولادها فقالت لهم : تعودوا حب الله وطاعته ، فإن المتقين ألفوا الطاعة فاستوحشت جوارحهم من غيرها ، فإن عرض لهم الشيطان بمعصيته مرت المعصية بهم محتشمة فهم لها منكرون .•:*¨`*:• تأنس بالله تعآلى..؟ •:*¨`*:•
اقرأ المزيد...

$$$ روعة حياتك بين الالوان $$$




صــبـاحــ كــمـ .. ... مـسـاكــمــ
بروعة وحظور الالوان ....

نوقد شموع حياتنا بالشموع
.. بالآمال ... هي الالوان
هي لوحة بيضاء او سوداء او رماديه ...
او ذات لون واحد
كئيبه هي ... لا حياة فيها ... لابسمه... لا كيان ....
لايمكنان ينظر لها الاخرووون ........


لكن حين ناخذ لوحالالوان .. والفرشاة
ونبدأ بتلوينها ..... لا نتوقف عند لون واحد
لانتوقف الا حين نجد البسمة
على ثغرناالمبتسم

ما اجمل الراحة بعد عناء يوم متعب
ما اجمل ان تذهب الي النوم ... تريد ان تغفو
فوق سريرك
وبين طيات اغطيته .......
لكن ... الن يكون رائع وجميلا لو
كان هكذا


مارأيك ....؟
اليس جميلا ... ان تنام بين بستان
من الألوان .. بستان من الزهر
انت لاتنام فوق طيات الاغطيه ...
بل بين الازهار والورود وبسمات الطيور
ستنام مرتاح .... حين تجد الالوان حولك ....
تغني لك بروعتها ونداء طبيعتها

ستصحوا...وقدلونت يومكقبل شروقه
ان تمحوا
اساءة الاخرين ... بالالوان ...



تسير بالطرقات ....
تكلم هذا ... تمازح هذا .... تساعد هذا
اليست هنا تلون حياتك ...
ولا تكون لوحدك
... فالناس بحياتك
الوان ...... ويلون
حياتك بطيبتهم
وعطائهم وتواصلك
معهم
استمر في السير حتى
لو كنت مشلولا او معاقا
لونحياتك...
تناول طعامك
... واشرب شرابك ... لكن ... الن يكون رائعاً حين نجده
بلون تواجد الاخرين معك




انتي رائعه ... انتي جميلة
... انتي ملكة

انستي...سيدتي...غاليتي.... االا ترغبين ان ينظر
اليك الاخرين اذا ابدئي
يومك بالالوان .... بسمة
الالوان
وبهاء


...رائعه هي الحياة بلون واحد ....
لكنها مجنونه حين تكون بالالوان

لاتتوقفي عند لون واحد .. اجل جرح الآخرين هو اللون الموحد
لكن حين تمسكين
شعلة الالوان ... وتبدئي بتلوين
اساءتهم ... وبروحك
ستجدين لوحة رائعه من الالوان
..... وتنبهرين اياها تختارين


اشعلي حياتهم
بالالوان
... اشعليه لتجدي
سمائك
انتي ... انت ...قد تحولت الى الألعاب ناريه.... تغزو بالوانهاالسماء وتنيرها بهجة


لاتتوقف...انظري الى الحياة من خلال ستارة ونافذة ملونه
ستجدينها ... رائعه
... مبهرة... جميلة
... طاقية الجمال .....

حين تجلس لوحدك ...
لاتتملك الكآبه ... ولا تحزن ...
ولا تغضب ... لايوجد
حبيب\حبيبه ... في حياتك .....
انت \ انتي ... من يملك الحب
...اجلس في
غابة الالوان ولا تهتم

روعتها ... في ابداعها... جمالها ... في صياغتها
ادمج الألوان ... ولا تهتم ... الى ان تجد لونك المفضل ....
بعد رحلة الألوان .... ستجد ان لونك


المفضل هو الألوان مجتمعه
والطبيعه والألوان
التي حركت مشاعر الشعراء
وصاغت على السنتهم
اجمل الكلام وأرق المعاني
حياتنا
كالـــفــصول ...
فصول السنه....
المتقلبه ... الممطرة
الحارة ... المشمسه
... المغبرة ......
يأتي صيف ...
ويرحل ... يأتي الشتاء ... ويبرد ... ثم .....
يأتي الخريف .... ونرى تساقط
اوراقنا ... واوراقه
لكن ما اجمل فصل في السنه ....
الربيع ... يأتي لنا ... بالزهور
بالألوان ... اليسرائعا
ان نحول حياتنا الى
فصلالربيع ....

ايامنا...كالأزهار...حين يقطفون الزهره
... لن يقطفوها
الا بالالوان .... فل نفرح الآخرين
.... ونهديهم الألوان
تواصلنا ... نحن نختاره

اقرأ المزيد...

الثلاثاء، 25 يناير 2011

|| أجمل لحظات عمرك ||










اقرأ المزيد...

حوار بين الروح والجسد !!!



السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين .




كثيرا ما شعرت أن روحي تضطرب بداخلي وكأنها تريد الخروج من هذا الجسد الذي ابتليت به والإنطلاق في الفضاء .فتخيلت هذا الحوار الذي دار بينهما:

روحي : آه ! ما أضيق هذا السجن الذي أنا فيه !

جسدي : صوت من هذا الذي أسمعه ؟

روحي : صوتي أنا.

جسدي : أنا ! ومن يكون هذا الـ "أنا" .

روحي : لم تعرفني ! أنا الروح التي تسري بداخلك .

جسدي : وما خطبك ؟!

روحي : لقد مللْتك أيها الجسد ،وكرهت سجنك لي .

جسدي : لا أستطيع لك شيئا ، ما باليد حيلة !

روحي : إذن دعني وخلي سبيلي ، أريد أن أنطلق وأسبح في هذا الكون الفسيح .

جسدي : لقد أُجبرنا على التعايش معا ، فأنا لم أخترْك كما أنك لم تختارني .

روحي : أجل أجبرنا على ذلك ،لكنك أجبرت على التعايش مع مادة علوية ( نورانية) بينما أجبرت أنا على العيش في مادة سفلية ( ترابية).

جسدي : وهل أنا من خلق نفسي هكذا ، لم يؤخذ رأيي في كيفية خلقي ؟

ولما تفخرين عليَّ بشيء لا يد لكِ فيه ؟

روحي : أنا أفضل منك ولي الحق كل الحق في الفخر.

جسدي : تفخرين بماذا ؟ وهل يكفي أن تكوني مخلوقة من مادة علوية حتى تتطاولي عليَّ ؟

كلنا مخلوقات لله سبحانه وتعالى.

روحي : سبحان الله وبحمده ، جلّ في علاه ،عزّ في ملكه ، تقدست أسماؤه وتعالت صفاته، سبحان الله وبحمده ، سبحان الله العظيم.

جسدي : لم تجدي ما تقولينه آه !

روحي : ليس لي ما أقوله عندما يذكر سبحانه.

أوه! لا تأخذني ذات اليمين وذات الشمال في الحديث ، لنبقى في موضوعنا الرئيس.

جسدي : أنا في الإستماع ، هات ما عندك ...






روحي : أنت جسد مركب من الشهوات وتحب التمتع بالمحسوسات وما لذّ من المأكولات والمشروبات ، إنك ترهقني بكل هذه الحاجات.


جسدي : أنا مجبول عليها فهي تعتبر من الضروريات بالنسبة لي حتى أقوى على العبادات وفعل ما تحبينه من الطاعات.

روحي : نعم هذا صحيح لكنني أحس بك تقيد حريتي وتحدّ من طموحاتي ، فأنت دائما ملتصق بالأرض منجذب إلى مادتك التي خلقت منها.

جسدي : " منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى ".

روحي : هذا ينطبق عليك فقط أما انا فمخلوقة من مادة علوية ، 
لذا أحب التحليق في السماء والتنقل مع الرياح في الهواء وتسبيح الخالق مع كل الكائنات ،
وأحب الغطس في البحار والمحيطات والسباحة مع الأسماك والحيتان 
وأحب الإختلاط بالأشجار والنباتات المسبحة لرب الأرض والسماوات ،
أحب السير مع السحاب والغيوم والوصول إلى الكواكب والنجوم ومعرفة ما خفي علي من العلوم.

جسدي : لا تحلقي بعيدا فلا يمكنك الإبتعاد عني ، واكتفي بهذا الجسد وتنقلي بداخله كما تشائين .

روحي : بالله عليك ماذا تقول ؟ أكتفي بهذا الجسد !.

وأين هو لا أراه ؟ فهو لا يكاد يبين ! حتى أنني لا أتمكن من التحرك بداخلك ، فلا طول ولا عرض و....

جسدي : هكذا خلقت ! وهذا هو قدرنا أن تكوني أنت بداخلي أنا لا سواي ،

فاصبري حتى يوم الفراق، يوم يفصل بيني وبينك.

روحي : ومتى يحدث هذا ؟!

جسدي : عندما يحين الأجل " وجاءت سكرة الموت بالحق ".

روحي : لكنه فراق مؤقت ، وأعود إليك من جديد ثم ........

جسدي : ثم ماذا ؟

روحي : ماذا !!! آه ، عقاب و عذاب ، عناء وشقاء...

جسدي : لا تتشاءمي إنه "غفور رحيم."

روحي : "غفور رحيم " هذه حقيقة ولكنه "سريع الحساب" و"شديد العقاب" .

يا ويحي ماذا ينتظرنا ؟!! ماذا ينتظرنا؟ !!


هنا اضطربت روحي اضطرابا شديدا ، فتفرقت في أنحاء جسدي و سكتت عن الكلام والملام.

وتفهم جسدي ما اعترى روحي من خوف فسكت لسكوتها و قرر إرجاء الحديث والحوار إلى حينهدوئها.







جسدي : لا أدري ، لديك قوة سحرية تجبرني على فعل ما ترغبين به.


روحي : ههه... هذا مضحك فعلا !

جسدي : وما المضحك في كلامي !

روحي : امتلاكي للقوة السحرية .

جسدي : أجل ، تمتلكينها ، فأنت جوهر غير مرئي ، ويمكنك التغلغل في عروقي و أعصابي وتحريك أوصالي كيفما شئت.

روحي : وأنت المسكين ، المجبر على فعل ما لا يريد ! قل غير هذا ..

جسدي : أعلم أنني لن أصل معك إلى" كلمة سواء بيننا " ، وأرى أنّ هذا الحوار غير مجدٍ.

روحي : وأنا أرى عكس ما ترى .

جسدي : أرأيت ، حتى في هذا لم نتفق .

روحي : ولما يجب علينا أن نتفق ؟

جسدي : وتسألين ! ألا تعلمين لماذا ؟!

روحي : أنت ثرثار ...!

جسدي : أرى أنك عدت إلى التعالي ، أوَ لأنك مخلوقة من مادة علوية ؟

أفيقي ...فأنت من دوني ماذا تكونين ؟

روحي : روحا تسير مع النسيم وتطير في الهواء وتصعد إلى السماء...

جسدي : أنت المسكينة أيتها الحمقاء الغافلة !،لو أراد الخالق تبارك وتعالى أن تكوني كذلك لما جعلك بداخلي .أو تعلمين لما سُجنت بداخلي ؟!

روحي : أكيد ستخبرني أنت ..

جسدي: لأنك لو كنت طليقة كما ترغبين ، لكانت الطامة الكبرى !

روحي : و كيف ذلك أيها العبقري ...

جسدي : لو كنت طليقة لما اكتفيت بجسد واحد، ولدخلت في كل الأجساد أو في معظمها على الأقل ، ولو كنت روحا شريرة فانظري كم جسدا ستردين معك ، ألم تفكري بهذا ؟

روحي : ولما لا أسمو بتلك الأجساد وأجعلها ربانية ؟ومن قال لك أنني أريد أن أكون داخل أي جسد كان .ألا تفهم كلامي ، أنا أريد الإنطلاق والأجساد أجسام معرقلة تهوى الخلود إلى الأرض.

جسدي : لا أدري ربما !

روحي : هذا صحيح ..وما أدراك أنت ؟

لم يعجب جسدي هذا التلميح ..وقرر إلتزام الصمت إلى حين ...





روحي : لم يعجبك كلامي ؟


جسدي : بدون تعليق ...لما لا نجعل حكما بيننا ؟

روحي : حكم لماذا ؟

جسدي : وهل هذا سؤال ؟ طبعا ليقضي بيننا فيما اختلفنا فيه

روحي : فكرة ! ومن يكون هذا الحكم ياترى ؟

جسدي : ليقترح كل منا حكما .ثم ......

روحي : إذن حكمين وليس واحد.

جسدي : سيكون واحدا إذا اتفقنا ...أقترح أن نجعل القلب هو الحكم بيننا.

روحي : القلب ! لا أنا أرفض هذا الإقتراح !

جسدي : ولما ؟

روحي : لأن القلب متقلب كثيرا ، فقد يكون معي ويوافقني الرأي ثم يصير معك أنا لا أثق به .

جسدي : وما تقترحين أنت ؟

روحي : العقل طبعا !

جسدي : وأنا موافق ، لنحتكم إلى العقل إذن .

روحي : حقا توافقني الرأي ؟!

جسدي : بكل تأكيد فالعقل حكم جيد . ويعرف كيف يميز بين الأمور .

روحي : اتفقنا ! فلنطلب منه ذلك ...

روحي وجسدي معا : أيها العقل الحكيم نريدك في أمر هام .

العقل : حسنا أنا موافق ...

روحي وجسدي معا : وعلام توافق لم نخبرك بالأمر بعد ؟

العقل : لقد كنت أسمع تحاوركما ، لذا أنا أعرف مطلبكما .

روحي : أجل فأنت العقل ...!

جسدي : وكيف لا وأنت العقل ...!

روحي وجسدي معا : إذن ما حكمك ؟

العقل : لا يمكنني إصدار الحكم هكذا ، أريد وقتا للتفكير حتى أتوصل إلى القرار الصحيح .

روحي : وكم يلزمك من الوقت ؟

جسدي : لا يهم الأمر ، المهم أن يفعل .

روحي : أنت هكذا دائما تحب تسويف الأمور.

جسدي : من يسمعك تتحدثين يقول بأنك تحبين الإنضباط ....!

روحي : أكيد فأنا لست مثلك ، أحب أن أجعل كل شيء في موضعه وبوقته .

جسدي : حسنا.. حسنا ! لن ندخل في جدال آخر عمن يحب الإنضباط ومن لا يحبه .

دعينا ننتهي من الجدال الأول ثم لكل حادث حديث .

روحي : كما تشاء لننتظر إذن الحكم الذي سيصدره العقل .





وبعد مدة لا بأس بها .....



روحي : ألم تنته بعد أيها العقل من اتفكير ؟

العقل : لا تزعجيني ... فلم أتوصل بعد إلى القرار الصائب .

روحي : ومتى يكون ذلك ، لقد انتظرنا طويلا ؟

وأنت أيها الجسد ألم تملّ من الإنتظار ؟!

جسدي : دعي العقل يفكر برويّة ولا تزعجيه !

روحي : آه ! أنت تسايره حتى يكون إلى جانبك ...

العقل : لماذا أنت متناقضة هكذا ؟!

روحي : وكيف ذلك ؟

العقل : لقد سبق وأن قلت أنني أعرف جيدا التمييز بين الأمور ولكنك الآن...

روحي مقاطعة : أردت فقط أن أغيظه .

جسدي : لا تتعبي نفسك فلن أتأثر لكلامك .

روحي : وكيف تتأثر وأنت بدوني جثة هامدة ..!

جسدي : ها قد اعترفت ! والاعتراف - كما يقال- سيّد الأدلة.

روحي : وبما اعترفت ؟

جسدي : بأنني جثة هامدة وإذا لم تحركيني فلن أتحرك ..إذن أنت سبب المآسي والمعاصي التي نفعلها ..

روحي : صه ! دع العقل يحكم بيننا .

جسدي : هذا ما سبق وقلته .

العقل : إنّ الأمر معقد جدا ..وأرى أنه يتعلق بالإرادة ،

ولم أتمكن بعد من تحديد مسؤولية كل واحد منكما. أظنه يلزمني المزيد من الوقت للتفكير.

روحي وجسدي معا : كما ترى أيها العقل ، ننتظر إذن .....








العقل : يا أيتها الروح ،ويا أيها الجسد ...

روحي وجسدي معا : نعم أيها العقل .

العقل : لقد فكرت طويلا وتعمقت في الأمر ، وعجزت عن الوصول إلى الحقيقة ،لكن أرى أن الروح هي المسؤولة عن تحريك الجسد وأن الجسد وحده لا يمكنه فعل أي شيء.

جسدي مبتهجا : هذا ما قلته لها ، هل صدقت الآن ! الحمد لله هكذا ستكفين عن لومي.

روحي : ماهذا الحكم الذي حكمت به أيها العقل ؟!

العقل : أرى أنه لم يعجبك حكمي .

روحي : وكيف يعجبني وأنت تلقي بكل اللائمة عليَّ.؟

العقل : أنا لم أقل هذا .

روحي : وما معنى كلامك إذن ؟!

العقل : كوني صبورة وانتظري حتى أكمل كلامي .

روحي مذعنة : حسنا أكمل ..

العقل : إنّ الله سبحانه وتعالى خلق النفس البشرية - الإنسان - من روح وجسد ، فخلق الروح من مادة علوية وخلق الجسد من مادة سفلية - ترابية - ، وقضى بأن يعيشا معا .ثم خلق لهما عقل وقلبيحتكمان إليهما .


روحي : أجل فالقلب هو الذي يدفع بالإنسان إلى الشهوات ويستعملني أنا في تحريك الجسد إلى ما يميل إليه ويهوى أليس كذلك ؟

جسدي مكملا : وجعلك أنت - العقل - من يعيد الإنسان إلى صوابه . نعم...نعم...أظن ذلك.

العقل : لا ليس كذلك أنتما مخطئان فيما ذهبتما إليه.

روحي : ماذا !! أليس القلب هو الذي يحبّ ويكره وهو الذي يميل مع كل هوى يمر به أو يصادفه ؟

العقل : لا الأمر ليس كما تظنين أيتها الروح ...

جسدي : وما هو الصحيح إذن ؟

روحي : معه حق أين هي الحقيقة ؟

العقل : أراكما اتفقتما الآن !

روحي وجسدي معا : هيا أرحنا بالجواب الشافي.

العقل : قد لا تفهمان ما أقول ..

روحي وجسدي معا : لا تقلق بهذا الشأن ، انثر جواهرك علينا ...

العقل : أتسخران مني ؟.

روحي وجسدي معا : حاشا ليس هذا مقصودنا.

العقل : أريد أن أعود إلى نقطة تطرقتما إليها قبل مدة.

روحي وجسدي معا : وما هي هذه النقطة ؟

العقل : سبحان الله أصبحت نغمتكما واحدة !

روحي : هيا لا تجعلنا ننتظر أكثر..

جسدي : معها حق لقد مللنا من الإنتظار.

العقل : عندما اقترح الجسد أن يكون القلب هو الحكم واعترضت أنت أيتها الروح بقولك: أن القلبمتقلب ولا يستقر على أمر معيّن.

روحي : صحيح هذا ما قلناه.

جسدي : هذا ما قالته الروح.

العقل : لكنك وافقتها الرأي .

جسدي : أجل هذا صحيح ..

العقل : ما لا تعلمانه أن القلب والعقل مها اسمان لشيء واحد..

روحي وجسدي معا : مااااااذا ....!!!





الأقوال التي جمعها ابن القيم :


\" ...فالناس لهم أربعة أقوال في مسعى الإنسان . هل هوالروح فقط ، أوالبدن فقط ، أومجموعهما ، أوكل واحد منهما. وهذه الأقوال الأربعة لهم في كلامه هل هواللفظ فقط ، أوالمعنى فقط ، أومجموعهما ، أوكل واحد منهما. فالخلاف بينهم في الناطق ونطقه.

قال الرازي : وأما القسم الثاني وهو أنّ الإنسان عبارة عن جسم مخصوص موجود في داخل هذا البدن فالقائلون بهذا القول اختلفوا في تعيين ذلك الجسم على وجوه:

الأول : أنه عبارة عن الأخلاط الأربعة التي منها يتولد هذا البدن.

والثاني : أنه الدم.

والثالث : أنه الروح اللطيف الذي يتولد في الجانب الأيسر من القلب وينفذ في الشريانات إلى سائر الأعضاء.

الرابع : أنه الروح الذي يصعد في القلب إلى الدماغ ويتكيف بالكيفية الصالحة لقبول قوة الحفظ والفكرة والذكر.

الخامس : أنه جزء لا يتجزأ في القلب.

السادس : أنه جسم مخالف بالماهية لهذا الجسم المحسوس وهو جسم نوراني علوي خفيف حي متحرك ينفذ في جوهر الأعضاء ويسري فيها سريان الماء في الورد وسريان الدهن في الزيتون والنار في الفحم فما دامت هذه الأعضاء صالحة لقبول الآثار الفائضة عليها من هذا الجسم اللطيف بقي ذلك الجسم اللطيف مشابكا لهذه الأعضاء وإفادتها هذه الآثار من الحس والحركة الإرادية.

وإذا فسدت هذه الأعضاء بسبب استيلاء الأخلاط الغليظة عليها وخرجت عن قبول تلك الآثار فارق الروح البدن وانفصل إلى عالم الأرواح.

وهذا القول هو الصواب في المسألة وهو الذي لا يصح غيره وكل الأقوال سواء باطلة وعليه دل الكتاب والسنة وإجماع الصحابة وأدلة العقل والفطرة ونحن نسوق الأدلة عليه على نسق واحد.





نتابع كلام ابن القيّم ونسوق الأدلة التي ساقها :



الدليل الأول : قوله تعالى  الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى ). ففي الآية ثلاثة أدلة الإخبار بتوفيها وإمساكها وإرسالها.

الرابع : قوله تعالى : ( ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطوا أيديهم أخرجوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون ) إلى قوله تعالى : ( ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة ).وفيها أربعة أدلة :

أحدها : بسط الملائكة أيديهم لتناولها.

الثاني : وصفها بالإخراج والخروج.

الثالث : لإخبار عن عذابها في ذلك اليوم.

الرابع : الإخبار عن مجيئها إلى ربها ، فهذه سبعة أدلة.

الثامن : قوله تعالى : ( وهو الذي يتوفاكم بالليل ويعلم ما جرحتم بالنهار ثم يبعثكم فيه ليقضي أجل مسمى ثم إليه مرجعكم ).إلى قوله  حتى إذا جاء أحدكم الموت توفته رسلنا وهم لا يفرّطون). وفيها ثلاثة أدلة:

أحدها : الإخبار بتوفي الأنفس بالليل.

الثاني : بعثها إلى أجسادها بالنهار.

الثالث : توفي الملائكة له عند الموت فهذه عشرة أدلة.

الحادي عشر : قوله تعالى  يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية ، فادخلي في عبادي وادخلي جنتي ). وفيهاثلاثة أدلة :

أحدها : وصفها بالرجوع.

الثاني : وصفها بالدخول.

الثالث : وصفها بالرضى.

واختلف السلف هل يقال لها ذلك عند الموت أو عند البعث أو في الموضعين ؟ على ثلاثة أقوال ...قال أبو صالح : ( ارجعي إلى ربك راضية مرضية ) هذا عند الموت ( فادخلي في عبادي وادخلي جنتي ) قال هذا يوم القيامة. فهذه أربعة عشر دليلا.





الدليل الخامس عشر : قوله صلى الله عليه وآله سلم : إنّ الروح إذا قبض تبعه البصر .ففيه دليلان:

أحدهما : وصفه بأنه قبض.

والثاني : أنّ البصر يراه.


السابع عشر : ما رواه النسائي حدثنا أبو داود عن عفان بن حماد عن أبي جعفر عن عمارة بن خزيمة أن أباه قال رأيت في المنام كأني أسجد على جبهة النبي صلى الله عليه وآله وسلم فأخبرته بذلك فقال إن الروح ليلقى الروح ....فأخبر أن الأرواح تتلاقى في المنام .


الثامن عشر : قوله صلى الله عليه وآله وسلم في حديث بلال أن الله قبض أرواحكم وردها إليكم حين شاء . ففيه دليلان : 

أحدهما :وصفها بالقبض 

والثاني : وصفها بالرّد.

العشرون : قوله صلى الله عليه وآله وسلم : نسمة المؤمن طائر يعلق في شجر الجنة وفيه دليلان:

أحدهما : كونها طائرا.

الثاني : تعلقها في شجر الجنة وأكلها .على اختلاف التفسيرين.


الثاني والعشرون : قوله أرواح الشهداء في حواصل طير خضر تسرح في الجنة حيث شاءت وتأوي إلى قناديل معلقة بالعرش فاطلع إليهم ربك اطلاعه فقال أي شيء تريدون ؟ الحديث..وفيه ستة أدلة :

أحدها : كونها مودعة في جوف طير.

الثاني : أنها تسرح في الجنة.

الثالث : أنها تأكل من ثمارها وتشرب من أنهارها.

الرابع : أنها تأوي إلى تلك القناديل أي تسكن إليها.

الخامس : أنّ الرب تعالى خاطبها واستنطقها فأجابته وخاطبته.

السادس : أنها طلبت الرجوع إلى الدنيا فعلم أنها مما يقبل الرجوع.

فإن قيل : هكذا كله صفة الطير لا صفة الروح .قيل : بل الروح مودعة في الطير قصدا ، وعلى الرواية التي رجحها أبو عمر ، وهي :\" أرواح الشهداء كطير..\" ينفي السؤال بالكلية. 




الدليل التاسع والعشرون : قوله صلى الله عليه وآله وسلم في حديث طلحة بن عبيد الله أردت مالي بالغابة فأدركني الليل فأويت إلى قبر عبد الله بن عمرو بن حرام فسمعت قراءة من القبر ما سمعت أحسن منها فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ذاك عبد الله ألم تعلم أن الله قبض أرواحهم فجعلها في قناديل من زبرجد وياقوت ثم علقها وسط الجنة فإذا كان الليل ردت إليهم أرواحهم فلا تزال كذلك حتى طلع الفجر ردت أرواحهم إلى مكانها التي كانت . وفيه أربعة أدلة سوى ما تقدم.

أحدها : جعلها في القناديل.

الثاني : انتقالها من حيز إلى حيز.

الثالث : تكلمها وقرائتها في القبر.

الرابع : وصفها بأنها في مكان.

الثالث والثلاثون : حديث البراء بن عازب ..وفيه عشرون دليلا :

أحدها : قول ملك الموت لنفسه : " يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية " وهذا الخطاب لمن يفهم ويعقل.

الثاني : قوله اخرجي إلى مغفرة من الله ورضوان.

الثالث : قوله فتخرج تسيل كما تسيل القطرة من في السقاء.

الرابع : قوله فلا يدعونها في يده طرفة عين حتى يأخذوها منه.

الخامس : قوله حتى يكفنوها في ذلك الكفن ويحنطوها بذلك الحنوط فأخبر أنها تكفن وتحنط.

السادس : ثم يصعد بروحه إلى السماء.

السابع : قوله ويوجد منها كأطيب نفحة مسك وجدت.

الثامن : قوله فتفتح له أبواب السماء.

التاسع : قوله ويشيعه من كل سماء مقربوها حتى تنتهي إلى الرب تعالى.

العاشر : قوله فيقول تعالى ردوا عبدي إلى الأرض.

الحادي عشر : قوله فترد روحه في جسده.

الثاني عشر : قوله في روح الكافر فتفرق في جسده فيجذبها فتنقطع منها العروق والعصب.

الثالث عشر : قوله ويوجد لروحه كأنتن ريح وجدت على وجه الأرض.

الرابع عشر : قوله فيقذف بروحه من السماء وتطرح طرحا فتهوي إلى الأرض.

الخامس عشر : قوله فلا يمرون بها على ملأ من الملائكة إلا قالوا ما هذا الروح الطيب ؟ وما هذا الروح الخبيث ؟

السادس عشر : قوله فيجلسانه ويقولان له ما كنت تقول في هذا الرجل ؟ فإن كان هذا للروح فظاهر ، وإن كان للبدن فهو بعد رجوع الروح إليه من السماء.

السابع عشر : فإذا صعد بروحه قيل أي رب عبدك فلان .

الثامن عشر : قوله ارجعوه فأروه ماذا أعددت له من الكرامة. فيرى مقعده من الجنة أو النار.

التاسع عشر : قوله في الحديث إذا خرجت روح المؤمن صلى عليها كل ملك لله بين السماء والأرض ، فالملائكة تصلي على روحه وبني آدم يصلون على جسده.

العشرون : قوله فينظر إلى مقعده من الجنة أو النار حتى تقوم الساعة والبدن قد تمزّق وتلاشى وإنما يرى المقعدين الروح.






الدليل الرابع والخمسون : حديث أبي موسى تخرج نفس المؤمن أطيب من ريح المسك فتنطلق بها الملائكة الذين يتوفونه فتلقاهم ملائكة من دون السماء فيقولون هذا فلان بن فلان كان يعمل كيت وكيت . بمحاسن عمله فيقولون مرحبا بكم وبه فيقبضونها يصعد به من الباب الذي كان يصعد منه عمله فيشرق في السماوات وهو كبرهان الشمس حتى ينتهي بها إلى العرش، وأما الكافر فإذا قبض انطلق بروحه فيقولون من هذا ؟ فيقولون فلان بن فلان كان يعمل كيت وكيت لمساوئ أعماله. فيقولون لا مرحبا ردوه فيرد إلى أسفل الأرضين إلى الثرى .ففيه عشرة أدلة:

أحدها : خروج نفسه.

الثاني : طيب ريحها.

الثالث : انطلاق الملائكة بها .

الرابع : تحية الملائكة لها .

الخامس : قبضهم لها.

السادس : صعودهم بها .

السابع : إشراق السماوات لضوئها.

الثامن : لإنتهاؤها إلى العرش.

التاسع : قول الملائكة من هذا ؟ وهذا سؤال عن عين وذات قائمة بنفسها.

العاشر : قوله ردوه إلى أسفل الأرضين.

الرابع والستون :حديث أبي هريرة إذا خرجت روح المؤمن تلقاه ملكان فيصعدانه إلى السماء فيقول أهلالسماء روح طيبة جاءت من قبل الأرض صلى الله عليك وعلى جسد كنت تعمرينه وذكر المسك ثم يصعد به إلى ربه عزّ وجلّ فيقول ردوه إلى آخر الأجلين .ففيه ستة أدلة :

أحدها : تلقاه ملكان.

الثاني : قوله فيصعدانه إلى السماء.

الثالث : قول الملائكة روح طيبة حاءت من قبل الأرض.

الرابع : صلاتهم عليها.

الخامس : طيب ريحها.

السادس : الصعود بها إلى الله عزّ وجلّ.


الدليل الحادي والسبعون : حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن المؤمن تحضره الملائكة فإذا كان الرجل الصالح قالوا أخرجي أيتها النفس الطيبة كانت في الجسد الطيب أخرجي حميدة وأبشري بروح وريحان ورب غير غضبان فلا يزال يقال لها ذلك حتى تخرج فيعرج بها حتى ينتهي بها إلى السماء فيستفتح لها فيقال من هذا ؟ فيقال فلان فلان فيقال : مرحبا بالنفس الطيبة كانت في الجسد الطيب أدخلي حميدة وأبشري بروح وريحان ورب غير غضبان فلا يزال يقال لها ذلك حتى ينتهي بها إلى السماء التي فيها الله عزّ وجلّ.

وإذا كان الرجل السوء قال أخرجي أيتها النفس الخبيثة كانت في الجسد الخبيث أخرجي ذميمة وأبشري بحميم وغساق وآخر من شكله أزواج فلا يزال يقال لها حتى تخرج فينتهي بها إلى السماء فيقال من هذا ؟ فيقال فلان بن فلان فيقال : لا مرحبا بالنفس الخبيثة كانت في الجسد الخبيث اِرجعي ذميمة فإنه لا تفتح لك أبواب السماء فترسل إلى الأرض فتصير إلى القبر. وهو حديث صحيح وفيه عشرة أدلة:

أحدها : قوله كانت في الجسد الطيب وكانت في الجسد اخبيث. فها هنا حال ومحل .

الثاني : قوله أخرجي حميدة.

الثالث : قوله وأبشري بروح وريحان ، فهذا بشارة بما تصير إليه بعد خروجها.

الرابع : قوله فلا يزال يقال لها ذلك حتى ينتهي بها إلى السماء 

الخامس : قوله فيستفتح لها .

السادس : قوله أدخلي حميدة.

السابع : قوله حتى ينتهي بها إلى السماء التي فيها الله تعالى.

الثامن : قوله لنفس الفاجر اِرجعي ذميمة.

التاسع : فإنه لا تفتح لك أبواب السماء.

العاشر : قوله فترسل إلى الأرض ثم تصير إلى القبر.


الحادي والثمانون : قوله صلى الله عليه وآله وسلم : " الأرواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف وما تناكر عنها اختلف. "فوصفها بأنها جنود مجندة والجنود ذوات قائمة بنفسها ووصفها بالتعارف والتناكر ومجال أن تكون هذه الجنود أعراضا أو تكون لا دخل لعالم ولا خارجه ول بعض لها ولا كل.



الثاني والثمانون : قوله في حديث ابن مسعود رضي الله عنه على الأرواح تتلاقى وتتشام كما تشام الخيل .



الثالث والثمانون : قوله في حديث عبد الله بن عمرو رضي اله عنهما أن أرواح المؤمنين تتلاقى على مسيرة يومين وما رأى أحدهما صاحبه.


الرابع والثمانون : الآثار التي جاءت في خلق آدم وأن الروح لما دخل في رأسه عطس فقال الحمد لله فلما وصل الروح إلى عينيه نظر إلى ثمار الجنة فلما وصل إلى جوفه اشتهى الطعام فوثب قبل أن يبلغ الروح رجليه وأنها دخلت كارهة وتخرج كارهة.


الخامس والثمانون : الآثار التي فيها إخراج الرب تعالى النسيم وتمييز شقيهم من سعيدهم ، وتفاوتهم حينئذ في الإشراق والظلمة وأرواح الأنبياء فيهم مثل السرج.


السادس والثمانون : حديث تميم الداري أن روح المؤمن إذا صعد بها إلى الله خرّ ساجدا بين يديه وأن الملائكة تتلقى الروح بالبشرى وأن الله تعالى يقول لملك الموت انطلق بروح عبدي فضعه في مكان كذا وكذا .


السابع والثمانون : الآثار التي جاءت في مستقر الأرواح بعد الموت واختلاف الناس في ذلك وفي ضمن ذلك الاختلاف عند السلف .







الدليل الثامن والثمانون : ما قد علم بالضرورة أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جاء به وأخبر به الأمة أنه تنبت أجسادهم في القبور فإذا نفخ في الصور رجعت كل روح إلى جسدها فدخلت فيه فانشقت الأرض عنه فقام من قبره.

وفي حديث الصور أن إسرافيل عليه السلام يدعو الأرواح فتأتيه أرواح المسلمين نورا والأخرى مظلمة فيجمعها جميعا فيعلقها في الصور ثم ينفخ فيه فيقول الرب جلّ جلاله : وعزتي ليرجعن كل روح إلى جسده فتخرج الأرواح من الصور مثل النحل قد ملأت ما بين السماء والأرض فيأتي كل روح إلى جسده فيدخل ويأمر الله الأرض فتنشق عنهم فيخرجون سراعا إلى ربهم ينسلون مهطعين إلى الداعي يسمعون المنادي من مكان قريب فإذا هم قيام ينظرون.

وهذا معلوم بالضرورة أن الرسول أخبر به ، وأن الله سبحانه لا ينشئ لهم أرواحا غير أرواحهم التي كانت في الدنيا بل هي الروح التي اكتسبت الخير والشر أنشأ أبدانها نشأة أخرى ثم ردها إليها.


التاسع والثمانون : أن الروح والجسد يختصمان بين يدي الرب عزّ وجلّ يوم القيامة. قال علي بن عبد العزيز حدثنا أحمد بن يونسحدثنا أبو بكر بن عياش عن أبي سعد البقال عن عكرمة عن ابن عباس رضي لله عنهما.

قال : ما تزال الخصومة بين الناس يوم القيامة حتى يخاصم الروح الجسد فيقول الروح يا رب إنما كنت روحا منك جعلتني في هذا الجسد فلا ذنب لي ويقول الجسد يا رب كنت جسدا خلقتني ودخل فيه الروح مثل النار ، به كنت أقوم وبه كنت أقعد وبه أذهب وبه أجيء لا ذنب لي . 
قال : فيقال أنا أقضي بينكما أخبراني عن أعمى ومقعد دخلا حائطا ، فقال المقعد للأعمى إني أرى ثمرا فلو كانت لي رجلان لتناولت فقال الأعمى أنا أحملك على رقبتي فحمله فتناول من الثمر فأكلا جميعا فعلى من الذنب ؟ قالا عليها جميعا فقال قضيتما على أنفسكما.


التسعون : الأحاديث والآثار الدالة على عذاب القبر ونعيمه إلى يوم البعث فمعلوم أن الجسد تلاشى واضمحلّ وأن العذاب والنعيم المستمرين إلى يوم القيامة إنما هو على الروح.


الدليل الحادي والتسعون :أخبار الصادق والمصدوق صلى الله عليه وآله وسلم في الحديث الصحيح عن الشهداء أنهم لما سئلوا ما تريدون ؟ قالوا نريد أن ترد أرواحنا في أجسادنا حتى نقتل فيك مرة أخرى.فهذا سؤال وجواب من ذات حية عالمة ناطقة تعقل الرد إلى الدنيا والدخول في أجساد خرجت منها وهذه الأرواح سئلت وهي تسرح الجنة والأجساد قد مزقها البلى.


الثاني والتسعون : ما ثبت عن سلمان الفارسي وغيره من الصحابة رضوان الله عليهم أن أرواح المؤمنين في برزخ تذهب حيث شاءت وأرواح الكفار في سجين.


الثالث والتسعون : رؤية النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأرواح الناس عن يمين آدم ويساره ليلة الإسراء. فرآها متحيزة بمكان معين.


الرابع والتسعون : رؤية أرواح الأنبياء في السماوات وسلامهم عليه وترحيبهم به كما أخبر به ، وأما أبدانهم ففي الأرض.


الخامس والتسعون : رؤيته صلى الله عليه وآله وسلم أرواح الأطفال حول إبراهيم الخليل عليه السلام.


السادس والتسعون : رؤيته صلى الله عليه وآله وسلم أرواح المعذبين في البرزخ بأنواع العذاب في حديث سمرة الذي رواه البخاري في صحيحه ، وقد تلاشت أجسادهم واضمحلت وإنما كان الذي رآه أرواحهم ونسمهم يفعل بها ذلك.


الدليل السابع والتسعون : أخباره سبحانه عن الذين قتلوا في سبيله أنهم أحياء عند ربهم يرزون وأنهم فرحون مستبشرون بإخونهم ، وهذا للأرواح قطعا لأن الأبدان في التراب تنتظر عود أرواحها إليها يوم البعث.


الثامن والتسعون : ما تقدم من حديث ابن عباس رضي الله عنهما ، ونحن نسوقه ليتبن كم فيه من دليل على بطلان قول الملاحدة وأهل البدع في الروح ، ..، قال بينما رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ذات يوم قاعدا تلا هذه الآية : \" ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت \" الآية ثم قال والذي نفس محمد بيده ما من نفس تفارق الدنيا حتى ترى مقعدها من الجنة أو النار فإذا كان عند ذلك صف لها سماطان من الملائكة ينتظمان ما بين الخافقين كأن وجوههم الشمس فينظر إليهم ما يرى غيرهم وإن كنتم ترون أنه ينظر إليكم مع كل ملك منهم أكفان وحنوط فإن كان مؤمنا بشروه بالجنة وقالوا أخرجي أيتها النفس المطمئنة إلى رضوان الله وجنة فقد أعدّ الله لك من الكرامة ما هو خير لك من الدنيا وما فيها.

فلا يزالون يبشرونه فهم ألطف به وأرأف به من الوالدة بولدها ثم يسلّون روحه من تحت كل ظفر ومفصل يموت الأول ويبرد كل عضو الأول فالأول ويهون عليهم وإن كنتم ترونه شديدا حتى تبلغ ذقنه فلهي أشد كراهية للخروج من الجسد من الوالد حين يخرج من الرحم فيبتدرونها كل ملك منهم أيهم يقبضها فيتولى قبضها ملك الموت ثم تلا رسول الله صلى لله عليه وآله وسلم : \" قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم ثم إلى ربكم ترجعون \" فيتلقاها بأكفان بيض ثم يحتضنها إليه فلهو أشد لزوما من المرأة لولدها ثم يفوح منها ريح أطيب من المسك فيستنشقون ريحا طيبا ويتباشرون بها ويقولون مرحبا بالريح والروح الطيب اللهم صل عليه روحا وصل على جسد خرجت منه.

قال فيصعدون بها فتفوح لهم ريح أطيب من المسك فيصلون عليها ويتباشرون بها وتفتح لهم أبواب السماء ويصلي عليها كل ملك في كل سماء تمر بهم حتى تنتهي بين يدي الجبار جلّ جلاله فيقول الجبار عزّ وجلّ مرحبا بالنفس الطيبة أدخلوها الجنة وأروها مقعدها من الجنة وأعرضوا عليها ما أعددت لها من الكرامة والنعيم ثم اذهبوا بها إلى الأرض فإني قضيت أني منها خلقتهم وفيها أعيدهم ومنها أخرجهم تارة أخرى ، فوالذي نفس محمد بيده لهي أشد كراهية للخروج منها حين كانت تخرج من الجسد وتقول أين تذهبون بي ؟ إلى ذلك الجسد الذي كنت فيه فيقولون إنا مأمور وبهذا فلا بد لك منه فيهبطون به على قد فراغهم من غسله وأكفانه فيدخلون ذلك الروح بين الجسد وأكفانه. فتأمل كم في الحديث من موضع يشهد ببطلان قول المبطلين في الروح.



الدليل التاسع والتسعون: ما ذكره عبد الرازق عن معمر بن زيد بن أسلم عن عبد الرحمن بن البيمائي عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال :إذا توفى المؤمن بعث إليه ملكان برحان من الجنة وخرقة تقبض فيها فتخرج كأطيب رائحة وجدها أحد قط بأنفه حتى يؤتى به إلى الرحمن جلّ جلاله فتسجد الملائكة قبله ويسجد بعدهم ثم يدعى ميكائيل عليه السلام فيقال له اذهب بهذه النفس فاجعلها مع أنفس المؤمنين حتى أسألك عنها يوم القيامة.

وقد تظاهرت عن الصحابة أن روح المؤمن تسجد بين يدي العرش في وفاة النوم ووفاة الموت. وأما حين قدومها على الله فأحسن تحيتها أن تقول "اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام".


الدليل المائة : ما قد اشترك في العلم به عامة أهل الأرض من لقاء أرواح الموتى لهم وسؤالهم وإخبارهم إياهم بأمور خفيت عليهم فرأوها عيانا وهذا أكثر من أن يتكلف إيراده.

الدليل الواحد بعد المائة : أن روح النائم يحصل لها في المنام آثار فتصبح يراها على البدن عيانا وهي من تأثير الروح في الروح كما ذكر القيرواني في كتاب البستان عن بعض السلف.

قال : كان لي جار شتم أبا بكر وعمر رضي الله عنهما فلما كان ذات يوم أكثر من شتمهما فتناولته وتناولني فانصرفت إلى منزلي وأنا مغموم حزين فنمت وتركت العشاء فرأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في المنام فقلت :يا رسول الله فلان يسب أصحابك قال من أصحابي : قلت أبو بكر وعمر فقال خذ هذه المدية فاذبحه بها فأخذتها فأضجعته وذبحته ، ورأيت كأن يدي أصابها من دمه فألقيت المدية وأهويت بيدي إلى الأرض لأمسحها فانتبهت وأنا أسمع الصراخ من نحو داره فقلت ما هذا الصراخ ؟ قالوا فلان مات فجأة فلما أصبحنا جئت فنظرت إليه فإذا خط موضع الذبح .

.... وكان نافع القارئ إذا تكلم يشم من فيه رائحة المسك فقيل له : كلما قعدت تتطيب فقال : ما أمس طيبا ولا أقربه ، ولكن رأيت النبيصلى الله عليه وآله وسلم في المنام وهو يقرأ في فمي فمن ذلك الوقت يشم من في هذه الرائحة.

...والوقائع في هذا الباب أكثر من أن تذكر .قال بعض الناس أن أصل الطب من المنامات ، ولا ريب أن كثيرا من أصوله مستند إلى الرؤيا ، كما أن بعضها عن التجارب وبعضها عن القياس وبعضها عن إلهام ، ومن أراد الوقوف على ذلك فلينظر في تاريخ الأطباءوفي كتاب البستان للقيرواني وغير ذلك.


الدليل الثاني بعد المائة :قوله تعالى : "إن الذين كذبوا بآياتنا واستكبروا عنها لا تفتح لهم أبواب السماء " .وهذا دليل على أن المؤمنين تفتح لهم أبواب السماء ، وهذا التفتيح هو تفتيحها لأرواحهم عند الموت كما تقدم

في الأحاديث المستفيضة أن السماء تفتح لروح المؤمن حتى ينتهي بها إلى بين يدي الرب تعالى.
 وأما الكافر فلا تفتح لروحه أبواب السماء ولا تفتح لجسده أبواب الجنة .



الثالث بعد المائة :
 قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم يا بلال ما دخلت الجنة إلا سمعت خشخشتك بين يدي فبم ذاك ؟ قال ما أحدثت في ليل أو نهار إلا توضأت وصليت ركعتين. قال بهما ، ومعلوم أن الذي سمع خشخشته بين يديه وهو روح بلال، وإلا فجسده لم ينقل إلى الجنة.


الرابع بعد المائة : الأحاديث والآثار التي في زيارة القبور والسلام على أهلها ومخاطبتهم والأخبار عن معرفتهم بزوارهم وردهم عليهم السلام . 




الخامس بعد المائة : شكاية كثير من أرواح الموتى إلى أقاربهم وغيرهم أمورا مؤذية فيجدونها كما شكوه فيزيلونها.


السادس بعد المائة : لو كانت الروح عبارة عن عرض من أعراض البدن أو جوهر مجرد ليس بجسم ولا حال فيه لكان قول القائل خرجت وذهيت وقمت وجئت وقعدت وتحركت ودخلت ورجعت ونحو ذلك كله أقوالا باطلة، لأن هذه الصفات ممتنعة الثبوت في حق الأعراض والمجردات ، وكل عاقل يعلم صدق قوله وقول غيره ذلك ،فالقدح في ذلك قدح في أظهر المعلومات فهو من باب السفسطة ...




الدليل السابع بعد المائة :أن البدن مركب ومحل لتصرف النفس فكان دخول البدن وخروجه وانتقاله جاريا مجرى دخول مركبه من فرسه ودابته فلو كانت النفس غير قابلة للدخول والخروج والانتقال والحركة والسكون لكان ذلك بمنزلة دخول مركب الإنسان إل الدار وخروجه منها دون دخوله هو ، وهذا معلوم البطلان بالضرورة ، وكل أحد يعلم أن نفسه وروحه هي التي دخلت وخرجت وانتقلت وصرفت البدن وجعلته تبعا لها في الدخول والخروج فهو لها بالأصل وللبدن بالتبع لكنه للبدن بالمشاهدة والروح بالعلم والعقل.


الثامن بعد المائة : أن النفس لو كانت كما يقوله من يقول أنها عرض لكان الإنسان كل وقت قد يبدل مائة ألف نفس أو أكثر ، والإنسان إنما هو إنسان بروحه ونفسه لا ببدنه وكان الإنسان غير الذي هو قبله بلحظة وبعده بلحظة، وهذا من نوع الهوس ولو كانت الروح مجردة ، وتعلقها بالبدن بالتدبير فقط لا بالمساكنة والمداخلة لم يمتنع أن ينقطع تعلقها بهذا البدن وتتعلق بغيره، ما يجوز انقطاع تدبير المدبر لبيت أو مدينة عنها ويعلق بتدبير غيرها وعلى هذا التدبير فنصير شاكين في أن هذه النفس التي لزيد هي النفس الأولى أو غيرها ؟ وهل زيد هو ذلك الرجل أم غيره ؟..


التاسع بعد المائة : أن كل أحد يقطع أن نفسه موصوفة بالعلم والفكر والحب والبغض والرضا والسخط وغيرها من الأحوال النفسانية ويعلم أن الموصوف ليس بذلك عرضا من أعراض بدنه ولا جوهرا مجردا منفصلا عن بدنه غير مجاور له ويقطع ضرورة بأن هذه إدراكات لأمر داخل في بدنه كما يقطع بأنه إذا سمع وأبصر وشم وذاق ولمس وتحرك وسكن فتلك أمور قائمة به مضافة إلى نفسه ، وإن جوهر النفس الذي هو قام به ذلك كله لم يقم بمجرد ولا بعرض بل قام متحيز داخل العالم متنقل من مكان إلى مكان يتحرك ويسكن ويخرج ويدخل وليس إلا هذا البدن والجسم الساري فيه المشابك لولاه لكان بمنزلة الجماد.


الدليل العاشر بعد المائة : أنّ النفس لو كانت مجردة وتعلقها بالبدن تعلق التدبير فقط كتعلق الملاح بالسفينة، والجمال بجمله لأمكنها ترك تدبير هذا البدن واشتغالها بتدبير بدن آخر كما يمكن الملاح والجمال ذلك ، وفي ذلك تجويز نقل النفوس من أبدان إلى أبدان ، ولا يقال أن النفس اتحدت ببدنها فامتنع عليها الانتقال أوأنها لها عشق طبيعي وشوق ذاتي إلى تدبير هذا البدن فلهذا السبب امتنع انتقالها ، لأننا نقول : اتحاد ما لا يتحيز بالمتحيز محال.ولأنها لو اتحدت به لبطلت ببطلانه ولأنها بعد الاتحاد إن بقيا فهما إثنان لا واحد ، وإن عدما معا وحدث ثالث فليس من الاتحاد في شيء، وإن بقي أحدهما وعدم الآخر فليس باتحاد أيضا.

وأما عشق النفس الطبيعي للبدن فالنفس إنما تعشقه لأنها تتناول اللذات بواسطته ، وإذا كانت الأبدان متساوية في حصول مطلوبها كانت نسبتها إليها على السواء، فقولكم إن النفس المعينة عاشقة للبدن المعين باطل ، ومثال ذلك العطشان إذا صادف أنية متساوية كل منها يحصل غرضه امتنع عليه أن يعشق واحدا بعينه دون سائرها.


الحادي عشر بعد المائة : أن نفس الإنسان لو كانت جوهرا مجردا لا داخل العالم ولا خارجه ولا متصلة بالعالم ولا منفصلة عنه ولا مباينة ولا مجانبة لكان يعلم بالضرورة أنه موجود بهذه الصفة ، لأن علم الإنسان بنفسه وصفاتها أظهر من كل معلوم ، وأن علمه بما عداه تابع لعلمه بنفسه ، ومعلوم قطعا أن ذلك باطل فإن جماهير أهل الأرض يعلمون أن إثبات هذا المجرد محال في العقول شاهدا وغائبا فمن قال ذلك في نفسه وربه فلا نفسه عرف ولا ربه عرف.


الثاني عشر بعد المائة : أن هذا البدن المشاهد محل لجميع صفات النفس وإدراكاتها الكلية والجزئية ومحل للقدرة على الحركات الإرادية فوجب أن يكون الحامل لتلك الإدراكات والصفات هوالبدن وما سكن فيه ، أما أن يكون محلها جوهرا لا داخل العالم ولا خارجه فباطل بالضرورة.




الدليل الثالث عشر بعد المائة : أنّ النفس لو كانت مجردة عن الجسمية والتحيز لامتنع أن يتوقف فعلها عن مماسة محل الفعل لأن ما لا يكون متحيزا يمتنع أن يصير مماسا للمتحيز ، ولو كان الأمر كذلك لكان فعلها على سبيل الاختراع من غير حاجة إلى حصول مماسة وملاقاة بين الفاعل وبين محل الفعل فكان الواحد منا يقدر على تحريك الأجسام من غير أن يماسها أو يماس شيئا يماسها ...، فعلم أن النفس لا تقوى على التحريك إلا بشرط أن تماس محل الحركة أو تماس ما يناسه وكل ما كان مماسا للجسم أو لما يماسه فهو جسم.



الرابع عشر بعد المائة : أن العقلاء كلهم متفقون على أن الإنسان هو هذا الحي الناطق المتغذي النامي الحساس المتحرك بالإرادة ، وهذه الصفات نوعان ، صفات لبدنه وصفات لروحه ونفسه الناطقة، فلو كانت الروح جوهرا مجردا لا داخل العالم ولا خارجه ولا متصلة به ولا منفصلة عنه لكان الإنسان لا داخل العالم ولا خارجه ولا متصلا به ولا منفصلا عنه، أو كان بعضه في العالم وبعضه لا داخل العالم ولا خارجه ، وكل عاقل يعلم بالضرورة بطلان ذلك ، وأن الإنسان بجملته داخل العالم بدنه وروحه ، ...



الخامس عشر بعد المائة : أن كل عاقل إذا قيل له ما الإنسان ؟ فإنه يشير إلى هذه البنية وما قام بها لا يخطر بباله أمر مغاير لها مجرد ليس في العالم ولا خارجه والعلم بذلك ضروري لا يقبل شكا ولا تشكيكا.


السادس عشربعد المائة : أن عقول العالمين قاضية بأن الخطاب متوجه إلى هذه البنية وما قام بها وساكنها ، وكذلك المدح والذم والثواب والعقاب والترغيب والترهيب ، ولو أن رجلا قال المأمور والمنهى والممدوح والمذموم والمخاطب والعاقل جوهر ليس في العالم ولا خارجه ولا متصل به ولا منفصل عنه لأضحك العقلاء على عقله ولأطبقوا على تكذيبه ، وكل ما شهدت بداهته العقول وصرائحها ببطلانه كان الاستدلال على ثبوته استدلال على صحة وجود المحال ، وبالله التوفيق.


يقول ابن الجوزي في فصل :" حقيقة الجزاء في البرزخ " :

قد أشكل على الناس أمر النفس وماهيتها - ويقصد الروح - مع إجماعهم على وجودها ، ولا يضر الجهل بذاتها مع إثباتها. ثم أشكل عليهم مصيرها بعد الموت ، ومذهب أهل الحق أن لها وجودا بعد موتها ، وأنها تنعم وتعذب. قال أحمد بن حنبل : " أرواح المؤمنين في الجنة ، وأرواح الكفار في النار".

وقد جاء في أحاديث الشهداء : " أنها في حواصل طير خضر تعلق من شجر الجنة " . وقد أخذ بعض الجهلة بظواهر أحاديث النعيم ، فقال :" إن الموتى يأكلون في القبور ، وينكحون " . والصواب من ذلك أن النفس تخرج بعد الموت إلى نعيم أو عذاب ، وأنها تجد ذلكإلى يوم القيامة. فإذا كانت القيامة أعيدت إلى الجسد ليتكامل لها التنعم بالوسائط وقوله : " في حواصل طير خضر " دليل على أنالنفوس لا تنال لذة إلا بواسطة. إلا أن تلك اللذة لذة مطعم أو مشرب، فأما لذات المعارف والعلوم فيجوز أن تنالها بذاتها ، مع عدم الوسائط.
.......




اقرأ المزيد...